فصل: قال نظام الدين النيسابوري في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال نظام الدين النيسابوري في الآيات السابقة:

{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18)}.
التفسير: لما ذكر في الآيات المتقدمة أنواع عذاب الكفار أراد أن يبين غيابة حسرتهم ونهاية خيبتهم. فقال: {مثل الذين} وارتفاعه عند سيبويه على الابتداء والخبر محذوف أي فيما يتلى أو يقص عليكم مثلهم. وقوله: {أعمالهم كرماد} جملة مستأنفة على تقدير سؤال سائل يقول: كيف مثلهم. وقال الفراء: المضاف محذوف أي مثل أعمال الذين كفروا. وإنما جاز حذفه استغاء بذكره ثانيًا. وقيل: المثل صفة فيها غرابة فأخبر عنها بالجملة المراد صفة الذين كفروا {أعمالهم كرماد} كقولك صفة زيد عرضه مصون وماله غير مخزون ويجوز أن يكون {أعاملهم} بدلًا والخبر {كرماد} وحده. والمراد بأعمال الكفرة المكارم التي كانت لهم من صلة الأرحام وعتق الرقاب وفداء الأسارى وعقر الإبل للأضياف وإغاثة الملهوفين وإعانة المظلومين، شبهها في حبوطها- لبنائها على غير أساس التوحيد والإيمان- برماد طيرته الريح في يوم عاصف.
قال الزجاج: جعل العصف لليوم وهو لما فيه يعني الريح مجازوًا كقولك يوم ماطر. قال الفراء: وإن شئت قلت في يوم ذي عصوف أو في يوم عاصف الريح فحذف لذكره مرة. وقيل: المراد من أعمالهم عباداتهم للأصنام. ووجه حسرتهم أنهم أتعبوا أبدانهم فيها دهرًا طويلًا. ثم لم ينتفعوا بذلك بل استضروا به. وقوله: {مما كسبوا على شيء} القياس عكسه كما في البقرة لأن {على} من صلة القدرة ولأن مما كسبوا صفة لشيء ولكنه قدم في هذه السورة لأن الكسب- أعني العمل الذي ضرب له المثل- هو المقصود بالذكر ولهذا أشار إليه بقوله: {ذلك هو الضلال البعيد} أي عن الحق والثواب. ثم كان لسائل أن يسأل: كيف يليق بحكمته إضاعة أفعال المكلفين؟ فقال: {ألم تر أن الله خلق السموات والأرض بالحق} مستتبعة للفوائد والحكم دالة على وجود الصانع القدير، فحبوط الأعمال إنما يلزم من كفر المكلفين وكونها غير مبنية على قاعدة الإيمان والإخلاص لا من أنه سبحانه يمكن أن يوجد في أفعاله عبث أو خلل أو سهو. ثم بين كمال قدرته واستغنائه عن الظلم والقبائح وعن عمل كل عامل فقال: {إن يشأ يذهبكم} وقد مر مثله في سورة النساء. {وما ذلك على الله بعزيز} بمتعذر لأنه قادر الذات لا اختصاص له بمقدور. فإن قيل: الغرض من الآية إظهار القدرة وزجر المكلفين عن المعصية وذلك إنما يتم بقوله: {إن يشأ يذهبكم} فما فائدة قوله: {ويأت بخلق جديد} وهل فيه دليل على أن الفياض لا يوجد بدون الفيض؟ قلنا: على تقدير تسليمه لا تنحصر الفائدة فيه بل لعل الفائدة هي تأكيد التخويف فإن التألم من تصور العدم المجرد ليس كالتألم من تصور عدمه مع إقامة غيره مقامه، على أن الإذهاب لا يلزم منه الإعدام فيكون شبيهًا بعزل شخص ونصب غيره مقامه. وللحكيم أن يستدل بقوله: {يذهبكم} على أن مادة الجوهر لا تعدم وإنما تنعدم الصور والأعراض. والجواب أن الإذهاب هاهنا بمعنى الإعدام، ولو سلم فلا يلزم من عدم وقوع الإعدام هاهنا امتناعه في جميع الصور. وفيه أنه الحقيق بأن يخشى عقابه ويرجى ثوابه فلذلك أتبعه أحوال الآخرة فقال: {وبرزوا} بلفظ الماضي تحقيقًا للوقوع مثل {وسيق} [الزمر: 73] {ونادى} [الأعراف: 48] والتركيب يدل على الظهور بعد الخفاء ومنه امرأة برزة إذا كانت تظهر للناس وبرز فلان على أقرانه إذا فاقهم. ومعنى بروزهم لله وهو سبحانه لا يخفى عليه شيء أنهم كانوا يستترون عن العيون عند ارتكاب الفواحش ويظنون أن ذلك خافٍ على الله.
فإذا كان يوم القيامة انكشفوا لله عند أنفسهم وعلموا أن الله لا يخفى عليه خافية، أو المضاف محذوف أي برزوا لحساب الله وحكمه. قال أبو بكر الأصم: قوله: {وبرزوا لله} هو المراد من قوله: {ومن ورائه عذاب غليظ} وعلى قواعد الحكماء: النفس إذا فارقت الجسد زال الغطاء وكشف الوطاء وظهرت عليه آثار الملكات والهيئات التي كان يمنعها عن الشعور بها اشتغالها بعالم الحس فذلك هو البروز لله، فإن كانوا من السعداء برزوا لموقف الجمال بصفاتهم القدسية وهيئاتهم النورية، فما أجل تلك الأحوال ويا طوبى لأهل النوال. وإن كانوا من الأشقياء برزوا لموقف الجلال بأوصافهم الذميمة وهيئاتهم المظلمة، فما أعظم تلك الفضيحة وما أشنع تلك المهانة.
كتب {الضعفواء} بواو قبل الهمزة على لفظ من يفخم الألف قبل الهمزة فيميلها إلى الواو ومثله: {علمواء بني إسرائيل} [الشعراء: 197] والضعفاء العوام الأراذل، والذين استكبروا سادتهم وأشرافهم الذين استنكفوا عن عبادته تعالى فضلوا وأضلوا. قال الفراء: أكثر أهل اللغة على أن التبع جمع تابع كخدم وخادم وحرس وحارس. وجوز الزجاج أن يكون التبع مصدرًا أي ذوي أتباع إما في الكفر أو في الأمور الدنيوية {فهل أنتم مغنون} هل يمكنكم دفع عذاب الله: {عنا} ومن في {من عذاب الله} للتبيين وفي {من شيء} للتبعيض. والمعنى هل تدفعون عنا بعض الشيء الذي هو عذاب الله أو كلاهما للتبعيض بمعنى هل أنتم مغنون عنا بعض شيء هو بعض عذاب الله: {قالوا لو هدانا الله لهديناكم}. عن ابن عباس: لو أرشدنا الله لأرشدناكم قال الواحدي: معناه أنهم إنما دعوهم إلى الضلال لأن الله أضلهم ولو هداهم لدعوهم إلى الهدى. وقال في الكشاف: لعلهم قالوا ذلك مع أنه كذبوا فيه كقوله: {يوم يبعثهم الله جميعًا فيحلفون له كما يحلفون لكم} [المجادلة: 18] واعترض عليه بأن هذا خلاف مذهبه لأنهم لا يجوّزون صدور الكذب عن أهل القيامة كما مر في أوائل الأنعام في قوله: {والله ربنا ما كنا مشركين} [الآية: 23] وجوز أيضًا أن يكون المراد لو كنا من أهل اللطف فلطف بنا ربنا واهتدينا لهديناكم إلى الإيمان. وزيف بأن كل ما في مقدور الله تعالى من الألطاف فقد فعله. وقيل: لو هدانا الله طريق النجاة من العذاب لأغنينا عنكم وسلكنا بكم طريق النجاة، ويؤكد هذا التفسير قوله: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا} وإعرابه كقوله: {سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم} [البقرة: 6] أرادوا إقناطهم من دفع العذاب بالكلية، أو أرادوا أن عتاب الضعفاء لهم وتوبيخهم إياهم نوع من الجزع ولا فائدة فيه ولا في الصبر. وجوز في الكشاف أن يكون قوله: {سواء علينا} الخ من كلام الضعفاء والمستكبرين جميعًا نظيره في وصل كلام إنسان بكلام إنسان آخر، قوله: {ذلك ليعلم أني لم أخنه} [يوسف: 52] والمحيص المنجي والمهرب مصدر كالمغيب والمحيص، أو مكان كالمبيت والمضيف.
ولما ذكر مناظرة شياطين الإنس أتبعها مناظرة شيطان الجن. ومعنى {قضي الأمر} قطع وفرغ منه وذلك حين انقضاء المحاسبة. والأكثرون على أنه بعد الحساب ودخول الأشقياء النار والسعداء الجنة. وعند أهل السنة هو بعد خروج الفساق من النار فليس بعد ذلك إلا الدوام في الجنة أو في النار. يروى أن الشيطان يقوم عند ذلك خطيبًا في النار فيقول: {إن الله وعدكم وعد الحق} وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا جمع الله الخلق وقضى بينهم يقول الكافرون قد وجد المسلمون من يشفع لهم فمن يشفع لنا ما هو إلا إبليس هو الذي أضلنا فيأتونه ويسألونه فعند ذلك يقول هذا القول» ووعد الحق من إضافة الموصوف إلى صفته مثل مسجد الجامع، أو تأويله وعد اليوم الحق، أو الأمر الحق وهو البعث والجزاء على الأعمال. وفي الآية إضماران: الأول وعدكم وعد الحق فوفى لكم بما وعدكم. الثاني ووعدتكم خلاف ذلك فأخلفتكم الوعد. ووجه الإضمار الأول دلالة الحال عليه لأنهم كانوا يشاهدون وليس وراء العيان بيان، ولأن ذكر نقيضه وهو إخلاف الوعد من الشيطان يغني عنه، ووجه الثاني أيضًا مثل ذلك. ثم ذكر طريق وسوسته اعتذارًا منهم فقال: {وما كان لي عليكم من سلطان} من تسلط وقهر فأقسركم على الكفر والمعاصي {إلا أن دعوتكم} قال النحويون: هذا الاستثناء منقطع لأن الدعاء ليس من جنس السطان فالمراد لكن دعائي إياكم إلى الضلالة بوسوسة، ويمكن أن يوجه الاستثناء بالاتصال لأن قدرة الإنسان على حمل الغير على عمل من الأعمال تارة تكون بالقسر وتارة بتقوية الداعية في قلبه بإلقاءه الوساوس إليه فهذا نوع من أنواع التسلط.
{فلا تلوموني ولوموا أنفسكم} لأنكم ما سمعتم مني إلا الدعاء والتزيين وكنتم سمعتم دلائل الله وشاهدتم مجيء أنبيائه فكان من الواجب عليكم أن لا تغتروا بقولي ولا تلتفتوا إليّ. قالت المعتزلة: في الآية دلالة على أن الإنسان هو الذي يختار الشقاوة أو السعادة، وليس من الله إلا التمكين ولا من الشيطان إلا التزيين، ولو كان الأمر كما يزعم المجبرة لقال: فلا تلوموني ولا أنفسكم فإن الله قضى عليكم الكفر وأجبركم عليه، وقول الشيطان وإن لم يصلح للحجة إلا عدم إنكار الله تعالى عليه حجة. هذا مع أن أول كلام اللعين مبني على الإنصاف والصدق فكذا ينبغي أن يكون آخره. قال المحققون: الشيطان الأصلي هو النفس وذلك أن الإنسان إذا أحس بشيء أو أدركه ترتب عليه شعوره بكونه ملائمًا له، أو بكونه منافرًا له ويتبع هذا الشعور الميل الجازم إلى الفعل أو إلى الترك، وكل هذه الأشياء من شأن النفس ولا مدخل للشيطان في شيء من هذه المقامات إلا بأن يذكره شيئًا من أن الإنسان كان غافلًا عن صورة امرأة فيلقى الشيطان حديثها في خاطره.
وكيف يعقل تمكن الشيطان من النفوذ في داخل أعضاء الإنسان وإلقاء الوسوسة إليه؟ جوابه أن الشيطان إذا كان جسمًا لطيفًا والله سبحانه ركبه تركيبًا عجيبًا لا يقبل التفرق والتمزق مع لطافته فلا يستبعد نفوذه في الأجرام الكثيفة كالنار تسري في الفحم وكالدهن في السمسم وإن كان جوهرًا نورانيًا مجبولًا على الشر، والنفس الإنسانية أيضًا جوهر علوي مجرد فلا يبعد وصول أثر أحدهما إلى الآخر. وذهب بعض الحكماء إلى أن كل روح من الأرواح البشرية فإنه ينتسب إلى روح معين من الأرواح السماوية، وأنها تتولى إرشاد الأرواح الإنسانية إلى مصالحها بالإلهامات الحسنة في حالتي النوم واليقظة. هذا إذا كانت خيرة، وأما إذا كانت شريرة فإنها توسوسها بالخواطر والأعمال القبيحة، والقدماء كانوا يسمون كلًا من تلك الأرواح بالطباع التام. وذكر بعض العلماء احتمالًا آخر وهو أن النفوس البشرية إذا فارقت أبدانها قويت في تلك الصفات التي اكتسبتها في تلك الأبدان وكملت فيها، فإذا حدثت نفس أخرى مشاكلة لتلك النفس المفارقة في بدن مشاكل لبدن تلك النفس المفارقة حدث بين تلك النفس المفارقة وبين هذا البدن نوع تعلق، فتصير تلك النفس المفارقة معاونة لهذه النفس المتعلقة بهذا البدن وتعضدها على أحوالها وأفعالها، فإذا كان هذا المعنى في أبواب الخير كان إلهامًا، وإن كان في باب الشر كان وسوسة.
ثم حكى الله سبحانه عن الشيطان أنه قال: {ما أنا بمصرخكم} قال ابن عباس: يريد بمعينكم ولا منقذكم. قال ابن الأعرابي: الصارخ المستغيث والمصرخ المغيث. صرخ فلان إذا استغاث. وقال واغوثاه، وأصرخته أي أغثته. وعاب النحويون على حمزة أنه قرأ: {وما أنتم بمصرخيّ} لأن ياء الإضافة لا تكون إلا مفتوحة حيث قبلها ألف في نحو {عصاي} فما بالها وقبلها ياء. وحاصل ما عابوا عليه أنه لم يوجد له نظير في استعمال العرب، لكنك تعلم أن القرآن حجة على غيره. قوله: {إني كفرت بما أشركتموني} إن كانت {ما} مصدرية فالمعنى إني كفرت أي أنا جاحد وما كان لي رضا بإشراككم لي في الدنيا مع الله في الطاعة وفي أن لي تدبيرًا وتصرفًا في هذا العالم، وإن كانت موصولة على ما قاله الفراء من أن {ما} في معنى من كقوله: سبحان ما سخركن لنا فالمراد إني كفرت من قبل حين أبيت السجود لآدم بالله الذي أشركتمونيه. ووجه نظم الكلام على هذا التفسير أن إبليس كأنه يقول: لا تأثير لوسوستي في كفركم بدليل أني كفرت بالله قبل أن كفرتم، وما كان كفري بسبب وسوسة أخرى وإلا لزم التسلسل فثبت بهذا أن سبب الوقوع في الكفر شيء آخر سوى الوسوسة، وهذا التقرير يناسب أصول الأشاعرة.
أما قوله: {إن الظالمين لهم عذاب أليم} فالأظهر أنه كلام الله، ويشمل إبليس ومن تابعه من الثقلين وليس ببعيد أن يكون من بقية كلام إبليس قطعًا لأطماع أولئك الكفار عن إغاثته. ثم شرع في أحوال السعداء وقال: {وأدخل} على لفظ الماضي تحقيقًا للوقوع، وقوله: {بإذن ربهم} متعلق ب {أدخل} أي أدخلتهم الملائكة الجنة بإذن الله وأمره. وقرأ الحسن {وأدخل} على لفظ المتكلم. قال في الكشاف: فعلى هذا يتعلق قوله: {بإذن ربهم} بما بعده يعني أن الملائكة يحيونهم بإذن ربهم. وقد تقدم معنى قوله: {تحيتهم فيها سلام} في أول سورة يونس. ثم لما بين أحوال السعداء وكان قد ذكر أحوال أضدادهم، أراد أن يذكر لكل من الفريقين مثلًا. قال في الكشاف {كلمة طيبة} نصب بمضمر أي جعل كلمة طيبة {كشجرة طيبة} وهو تفسير لقوله: {ضرب الله مثلًا} أو ضرب بمعنى جعل أي جعل الله كلمة طيبة مثلًا. ثم قال كشجرة طيبة أي هي كشجرة. وقال صاحب حل العقد: أظن أن الوجه أن يجعل قوله: {كلمة} عطف بيان، وقوله: {كشجرة} مفعول ثانٍ. عن ابن عباس: الكلمة الطيبة هي قول لا إله إلا الله محمد رسول الله. والشجرة الطيبة شجرة في الجنة. وعن ابن عمر: هي النخلة. وقيل: الكلمة الطيبة كل كلمة حسنة كالتسبيحة والتحميدة والاستغفار والتوبة والدعوة. والشجرة كل شجرة مثمرة طيبة الثمار كالنخلة وشجرة التين والعنب والرمان وغير ذلك. وقيل: لا حاجة بنا إلى تعيين تلك الشجرة، والمراد أن الشجرة الموصوفة ينبغي لكل عاقل يسعى في تحصيلها وادّخارها لنفسه سواء كان لها وجود في الدنيا أو لم يكن.
أما صفات الشجرة فالأولى كونها طيبة ويشمل طيب المنظر والشكل والرائحة وطيب الفاكهة المتولدة منها وطيب منافعها والثانية: {أصلها ثابت} راسخ آمن من الانقطاع. ولا شك أن الشيء الطيب إنما يكمل الفرح بحصوله إذا أمن انقراضه وزواله. والثالثة {وفرعها في السماء} أي في جهة العلو وهذا تأكيد لرسوخ أصله فإن الأصل كلما كان أقوى وأرسخ كان الفرع أعلى وأشمخ. ومن فوائد ارتفاع الأغصان بعدها عن عفونات الأرض ونقاؤها عن القاذورات. قال في الكشاف: فرعها أعلاها ورأسها، ويجوز أن يريد وفروعها على الاكتفاء بلفظ الجنس. الصفة الرابعة {تؤتي أُكلها كل حين} أي تعطي ثمرها كل وقت وقَّته الله لأثمارها. وعن ابن عباس: الحين ستة أشهر لأن من حملها إلى صرامها ستة أشهر. وقال مجاهد وابن زيد: سنة لأن الشجرة من العام إلى العام تحمل الثمرة ولاسيما النخلة إذا تركوا عليها التمر بقي من السنة إلى السنة. وقال الزجاج: الحين الوقت طال أم قصر. والمراد أنه ينتفع بها في وقت يفرض ليلًا ونهارًا صيفًا وشتاءً {بإذن ربها} بتيسير خالقها وتكوينه.